قصة قصيرة كتب : ياسمين سامى عبد الستار الخميس 17-04-2014 16:29
بعد أن انتهى من أداء صلاة العيد، وبعد أن وصل إلى بيته وصعد إلى شقته.. وقف أمام الباب متكئاً عليه ناظراً إلى الأرض حزيناً وكأنه يلوم الزمان على شئ ما.. ثم رفع رأسه وتبسم.. و فتح الباب ودخل.
وبروح شاب فى العشرين من عمره.. أخذ يعد الطعام وهو يتمتم ببعض الأغانى التى تذكره بأيام الصبا.. حين كان بطلاً فى الفروسية.. وكان الناس أشبه بعقد من الياسمين حول رقبته.. يلتفون حوله يتباهون به ويتفاخرون ببطولاته.. ثم انقطع عن الغناء عند التقاطه لزجاجة ملح.. حيث ذكر زوجته -رحمها الله- عندما كانت تنصحه دائماً ألا يكثر منه حتى لا يضر بصحته، فابتسم.. وترك الزجاجه من يده وعاد مره أخرى للغناء.
ظل هكذا حتى انتهى من إعداد الطعام.. وقام بتجهيزه ووضعه على المائدة.. وفى الحقيقه كان قد أعد طعاماً وفيراً.. حيث أنه فى انتظار أبنائه الثلاثه وأحفاده للإفطار معه يوم العيد، وجلس على كرسى المائده فى انتظارهم ليأخذه التفكير العميق..
ثم دق جرس الباب فنهض مسرعاً ليفتح.. فوجد أبنائه الثلاثه وأحفاده.. يرتدون الملابس الجديدة.. ممسكين بألعاب العيد.. يضحكون ويتدافعون نحوه.. فيأخذهم بين أحضانه.
ثم جلسوا جميعا لتناول الإفطار سوياً فى ساعة كانت الفرحة هى ثوانيها.. والحب كل ما يدور فيها، ثم انتهوا من الطعام.. وأخذ يلعب مع أطفاله.. فيركبون على ظهره حينا.. ويختبئون منه حينا أخراً.. ويرتدى أحدهم نظارته ويقلده فى حركاته.. فاسترجع ذكريات أبنائه عندما كانوا فى مثل سنهم، وقلب الجد لا يسع كل تلك البهجة والحياة التى دبت فى جميع أرجاء المنزل.
ووسط ضحكات الجميع.. استيقظ الجد من تلك الخيالات.. ليجد نفسه وحيداً على المائدة.. فشعر بصقيع يحاصره من كل جانب.. صقيع يأتى من لا مكان.. فيضع ذراعيه على كتفيه وكأنه يحتضن نفسه مواسياً إياها.. يتلفت حوله ناظراً إلى جميع أركان المنزل فلا يرى إلا الظلام..عيناه تطوف فى كل تفاصيل البيت فإذا بها تقع على صورة قديمة.. اجتمع فيها مع أسرته.. قبل مرور ثلاث سنوات لم يراهم فيها.. فيقترب منها.. وعينيه تلتهم ملامح الصورة إلتهاما .. وكأنه يرى أبنائه من جديد.. وتدريجيا يتصاعد منه الغضب كالبركان.. فيضرب بالصور عرض الحائط فتنكسر.. ويعرض بوجهه عنها.. وتمر لحظات وإذا بحنانه يجبره على انتشال الصورة من الأرض.. وأخذها بين أحضانه.. وينهال بالقبلات عليها.. وتنهال دموعه عليهم..
خرج حنان الأب الجريح من بين جميع المشاعر .. واقفا فى كبرياء ليتجسد فى هذا المشهد.. وكأن الزمان يأبى أن تخرج الرحمه من القلوب لتتجسد .. هى الأخرى وتداوى جراح هذا الحنان .. وتكفكف عنه تلك الدموع.
الموضوع منقول من الرابط التالى
Googlefoolw.me
discoveredidea
0 التعليقات:
إرسال تعليق