الشاعر الكبير: "أبوالفتوح" كان يضرب "طلاب اليسار" بـ"الجنازير" في عهد السادات كتب : حسام بيرم الأربعاء 23-04-2014 19:09 زين العابدين فؤاد
زين العابدين فؤاد، الشاعر الرحّال الذي طاف العالم شمالاً وجنوبًا، بحثًا عن نسيم الحرية، بدأ مسيرته الإبداعية في سن مبكرة، أتقن الشعر العامي وأبدع من خلاله؛ فقدّم تجارب مميزة خلّدت في تاريخ الأدب العامي المصري الحديث، "زين".. الشاب الثوري الذي تربى في كنف الحركة الطلابية في سبعينيات القرن الماضي ذاق الأمرّين في عهد عبدالناصر والسادات ومبارك، حيث تعرّض للاعتقال مرات عديدة، ومُنعت قصائده من النشر لسنوات طويلة، قدّم خلال مسيرته الإبداعية مجموعة من الدواوين، أهمها "على وش مصر" و"أغاني بيروت" و"مين اللي يقدر ساعة يحبس".. ويكشف الشاعر الثوري، لـ"الوطن"، كواليس الذكريات ويحكي لنا علاقته بالشعر والأصدقاء والسياسة.
* يقولون إن البيئة لها أثر كبير في تكوين عقلية الأديب.. حدّثنا عن بدايتك مع الكتابة ودور البيئة في تكوين شخصيتك؟
- بدايتي مع الشعر كانت سماعية عن طريق أغاني الأربعينيات التي تعرض في الراديو آنذاك، وأكثر الأشياء التي جذبتني في هذه الأغاني القدرة الكبيرة على التصوير التي كان يظهرها الشعراء، بالإضافة أنني تعلّمت القراءة والكتابة في سن مبكرة؛ فقبل أن أدخل المدرسة كنت أقرأ الجورنال يوميًا، وهذا ساعدني بشكل كبير في قراءة الكثير من الأشعار لأحمد شوقي، إبراهيم ناجي، وعلي محمد طه، الذين تأثرت بهم جدًا في كتاباتي الشعرية، وأتذكر أنني نشرت عددًا لا بأس به من القصائد وأنا في سن العاشرة من عمري.
وبالتأكيد كان لطفولتي في حي شبرا دور كبير في تشكيل شخصيتي الأدبية فقد تعرفت على شعراء كثر في تلك المرحلة وعاصرت تجاربهم الإبداعية، وعندما وصلت لسن 17 عامًا اتخذت قرارًا بالتوقف التام عن الكتابة، وفي هذه الفترة تشكلت عقليتي الإبداعية، وتحصلت على مخزون ثقافي كبير في الفن والسينما والموسيقى ساهم فيما بعد في توجهي لكتابة الشعر العامي.
* واجهت صعوبات كبيرة في نشر ديوانك الأول.. ما أسباب منع كتابك من النشر في تلك الفترة؟
- ديواني الأول "وش مصر" كان من المفترض أن ينشر في عام 1964، ولم أحصل على موافقة عليه إلا عام 1971 بعد معاناة كبيرة مع الجهات الرقابية في الدولة، ورغم أن معظم قصائد الكتاب منشورة في كل الجرائد والصفحات الثقافية، إلا أن التوجه العام في الدولة كان يرى أن الكتب تأثيرها سيكون أكبر من القصائد المنشورة في الجرائد، وأول من ساعدني على النشر هو الكاتب الصحفي والروائي عبدالفتاح الجمل، هذا الرجل الذي فتح الباب لكتاب كثيرين منهم أمل دنقل، سيد حجاب، عبدالرحمن الأبنودي، وغيرهم الكثيرين فقد كان مسؤولاً عن الملحق الثقافي في جريدة "المساء"، وأتذكر أن مبيعات "المساء" في تلك الفترة كانت تفوق مبيعات جريدة "الأهرام"، وكان النشر في الملحق الثقافي للمساء بمثابة شهادة ميلاد فنية للكاتب أو الشاعر.
"عرفات" أخبرني بأنني من ضمن المعتقلين في سبتمبر 1981.. والقضية الفلسطينية ليست "حماس"
* لُقبت بـ"شاعر الفلاحين" فما سر هذا اللقب؟
أنا بريء من لقب شاعر الفلاحين، وهذا اللقب شاع إطلاقه في الحقل الثقافي نتيجة مقال كتبه صديق فلسطيني لقبني فيه بـ"شاعر الفلاحين" نسبة إلى أغنية "الفلاحين" (الحرب لسه في أول السكة) التي غناها الشيخ إمام ولحنها، وغنتها أيضًا الفنانة التونسية أمل مثلوثي، ومن هنا انتشر لقب "شاعر الفلاحين" وهذا شرف لا أدعيه إطلاقًا.
* "الحلم في الزنانة"، تجربة رصدت من خلالها هموم أحلام الشريحة المثقفة في سجون السادات في سبعينيات القرن الماضي.. مَن هم أبرز رفقائك في الزنانة الذين تركوا أثرًا في إبداعتك؟
- ديواني الثاني "الحلم في الزنانة" كُتب أثناء وجودي في السجن لكنني لم أتمكن من نشره إلا في عام 2012 تحت عنوان "مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر"، والديوان كان تجسيدًا لواقع الحراك الوطني في تلك الفترة، والوقوف ضد الديكتاتورية الغاشمة التي فرضها النظام في تلك الفترة؛ فالديوان يضم قصائد في الفترة من عام 1972 وحتى عام 1977، وجميع من عاصرتهم في تلك الفترة كانت لهم بصمات في حياتي، وهناك كتاب صدر مؤخرًا اسمه "قصور الزنزانة" للفنان عز الدين نجيب الذي سجّل فيه رسومًا لكل المثقفين في معتقلات السادات في السبعينيات.
* "شعر الضفاف الأخرى" تجربة فريدة قدمت من خلالها شعراء أفارقة.. مَن هم أهم الكتاب الذين صادفتهم في تجربتك؟
- معظم الكتاب الأفارقة الذين تحدثت عنهم في كتاب "شعر الضفاف الأخرى" التقيتهم شخصيًا خلال مسيرتي، أهمهم الشاعر الجنوبي إفريقي "كاتنجو"، والشاعر "ألبا كاي عثمان كنته"، وسردت تفاصيل عن مدينة "تمبكتو" وهدم التماثيل الذي يحدث فيها من قِبل "أصحاب الرايات السوداء" التي رفعت في ميدان التحرير في جمعة "قندهار"، كما قدمت مجموعة من الشعراء الأفارقة الذين عاشوا في مصر، وقدمت الشعر العربي في جنوب إفريقيا وتاريخ الأدب العربي.
وتحدثت كذلك عن الشاعر المصري محمد فؤاد الذي هاجر مع والديه إلى جنوب إفريقيا، وعقب وفاتهما تبنته إحدى الأسر الإفريقية، وقد أهديته نصف الكتاب، والنصف الآخر أهديته للكاتب الكبير حلمي شعراوي الذي فتح لنا روافد الثقافة الإفريقية طيلة الخمسين عامًا الماضية.
* الأطفال حظوا بنصيب كبير من الاهتمام في تجربتك الإبداعية.. ما أبرز الأعمال الأدبية التي قدمتها عن الطفل؟
- هناك مراحل عديدة في حياتي لها علاقة بالأطفال؛ ففي الخمسينيات من القرن الماضي بدأت حكايتي مع أدب الأطفال من خلال مجلة "كروان" المصرية التي كان يشرف عليها الصحفي نعمان عاشور، وكانت تضم نخبة كبيرة من الفنانين التشكيليين، وكتاب القصة، والشعراء المهتمين بأدب الطفل، وأتذكر أن أول نص كتبه صلاح جاهين للأطفال كان يتصدر العدد الأول لهذه المجلة التي ظهرت للنور في أوائل الستينيات.
وكان لي تجربة هامة مع الطفل الفلسطيني واللبناني في حرب لبنان عام 1982 عندما استخدمنا الرسم كعلاج نفسي لإزالة الآثار السلبية للحرب على نفوس الأطفال، ووظّفنا الرسم كسلاح لمقاومة الاحتلال من خلال إبداعات هؤلاء الأطفال، وكان لديّ تجربة متميزة أيضًا مع الطفل اليمني من خلال مشروع "الأطفال يرسمون حقوقهم" فالرسم كان محرّمًا في تلك الفترة، وحاولنا أن نربط بين الرسم وحقوق الطفل في الحياة، واستمر المشروع قرابة الـ7 سنوات، كما قدّمت كتابًا في تلك الفترة بعنوان "الحرب والعنف في عيون أطفال اليمن".
ولي تجربة أخرى من خلال كتاب "شيبان في عيون أطفالها"، وهي تجربة هامة في الحفاظ على التراث الثقافي المبني في مدينة "شيبان"، وكررت التجربة مرة أخرى في مدينة "حلب"، وأنا فخور جدًا بهذه التجربة ففي "السان سلفادور" عندما جاء الزلازل الذي دمر المدينة بالكامل استعانوا بهذه التجربة لتعمير المدينة، وأعتبره هذا الكتاب النص النظري الوحيد الذي يوضوح كيف يختار الناس ملامح مدينتهم.
كما قدّمت تجربة "مسرح العرائس" في اليمن لأول مرة تاريخ اليمن، وكتبت قصائد للأطفال بالفصحى، وكانت ترافقني في تلك التجربة مصمصة العرائس الفنانة بدر حمادة، وقدمت مشروعً مع الأطفال في مدينة البقاع اللبنانية، حيث قدّمنا ورشة عمل للاجئين السوريين الذين استضافهم أطفال لبنانيون، وللأسف هناك 4 من الأطفال الذين شاركوا في الورشة استشهدوا بعدها.
* مَن هم أكثر الشعراء الشباب الذين ترى فيهم روح زين العابدين فؤاد؟
- علاقتي بالشعراء الشباب لا تنقطع، وأنا معجب بتجاربهم فهم لديهم تجارب إبداعية حقيقية، وأنا لا أهتم كثيرًا بأن أرى فيهم من يشبهني بل أهتم أكثر بأن ذاته أو ذاتها الشاعرة بأن تتجلى أمامي في نصوصهم، وهناك عدد كبير من الشعراء الشباب الذين أستمع إلى شعرهم، وأسعد بالتواصل معهم، ومنهم عمار محمود، محمد عابدين، أمينة عبدالله، سامية مصطفى، وهديل نور معظهم شباب في مقتبل العمر، وأمامهم مستقبل مشرق وأنا أثق في مستقبل الثقافة المصرية في ظل وجود هذه الأصوات الشابة؛ فالثقافة الآن نزلت إلى الشوارع من خلال تجربة "الفن ميدان" التي تقدم أصوات غنائية ومواهب أدبية شابة للجمهور في الشارع.
* كيف ترى وضع الثقافة المصرية عقب رحيل الإخوان؟ وما رأيك في التجديد الرابع لصابر عرب وزيرًا للثقافة؟
- على الورق هناك نوعية في وضع الثقافة في مصر عقب رحيل الإخوان؛ فالدستور نص على أن الثقافة أحد الحقوق الأساسية للمواطن، ولكن هذا النص غير مفعّل على أرض الواقع، وكما حاربنا من أجل أن يكون هناك نص دستوري يكفل حق المواطن في الثقافة فلا بد أيضًا أن نحارب من أجل تطبيق هذا النص.
أرفض قانون التظاهر.. ولا بد من رفع القبضة الأمنية عن الجامعات
وحتى تصبح الثقافة حقًا لا بد أن نتملك تعليمًا إبداعيًا يساعد على إخراج طاقات الأطفال في المدارس، وإعلامًا حرًا يسمح بتعدد الآراء ولا ينحاز لتيار أو فصيل بعينه.
وللأسف نحن لا نمتلك سياسة ثقافية توجه لخدمة المواطن، فالسياسات الثقافية تسخر لخدمة مصالح الدولة بالأساس، والمثقفون وحدهم من يحملون أمر الثقافة والدفاع عنها، فعندما حدثت هجمات من بعض المتشددين على الفن شكلوا جبهة للحفاظ على الإبداع، ووقفوا ضد وزير الإخوان ومنعوه من ممارسة مهامه وقدّموا فن الباليه وفنون الأوبرا في الشارع ردًا على من وصفهم بفنون "الدعارة".
وللأسف الدولة ما زالت تتعامل مع قضية الثقافة كونها قضية هامشية، وعن التجديد المستمر لصابر عرب كوزير للثقافة، لماذا لا يعاد التفكير في اسم مثل إيناس عبدالدايم التي ظهرت على الساحة عقب 30 يونيو ولكن سرعان ما اختفت لبعض الحسابات السياسية وغيرها من الأسماء البارزة التي تستطيع أن تتولى الوزارة ولكن لا حياة لمن تنادي.
* في رأيك ما أهم الأسباب التي أدت إلى فشل ثورة 25 يناير في تحقيق أهدافها؟
- للأسف هناك سلسلة من الخطوات صاحبت الثورة وساهمت بشكل كبير في انحرافها عن أهدافها، أبرزها وجود المجلس العسكري السابق على سدة الحكم عقب الثورة وتحالفه مع جماعة الإخوان لخدمة مصالحهم، بداية من محاكمات رموز النظام السابق الذين لم يتم تقديم الأدلة الكافية لإدانتهم على ما ارتكبوه خلال الثلاثين عامًا الماضية، وكذلك إصرار المجلس العسكري على إجراء الانتخابات البرلمانية في الفترة التي كانت فيها القوى الثورية "مطحونة" في "محمد محمود" لخدمة فصيل واحد على حساب باقي القوى، هذا الفصيل الذي استغل الحالة الاقتصادية للناس واشترى الأصوات بالزيت والسكر، وتاجر باسم الدين حتى يصل لسدة الحكم في مصر، وجاءت هذه الانتخابات ببرلمان "مغيب" لا يعبّر عن الثورة.
واستمر السيناريو المحبط لآمال الثورة بوصولنا في الانتخابات للاختيار بين "حكم المرشد" و"حكم الجنرال"، وأنا كنت واحدًا من المليون الذين رفضوا الاثنين وكتبت على البطاقة الانتخابية "دم الشهداء مش قربان للعسكر أو للإخوان".
* ما رأيك في انتفاضة 30 يونيو؟ وهل تعتبرها "انقلابًا" أم حلقة من حلقات ثورة 25 يناير؟
- الشعب نزل إلى الشوارع وهتف بصوت مرتفع "يسقط حكم المرشد" منذ أن أصدر مرسي الإعلان الدستوري في نوفمبر، ولم يتوقف الحراك الثوري بل استمر في احتجاجات وإضرابات عامة منها اعتصام مجلس الوزراء واعتصام وزارة الثقافة واعتصام الأقصر ضد المحافظ القاتل الذي عيّنه مرسي، و"تمرد" أكملت هذه التحركات الشعبية في شكل حركة منظمة أدت لنزول الناس بالملايين في الشارع يوم 30 يونيو، لكن لا بد من التأكيد أن 30 يونيو هي حلقة من حلقات النضال الثوري الذي بدأ في 25 يناير وسيستمر حتى تحقق الثورة أهدافها التي فشلت في تحقيقها في الأعوام الثلاثة الماضية، وأنا ضد محاولات الإقصاء المتعمدة التي تتم ضد كل رموز 25 يناير؛ فمصر لن تتقدم من دون وجود معارضة حقيقية تمثل كل الفئات والفصائل.
* في رأيك هل سيكون للثورة نصيب في الانتخابات المقبلة؟
- الثورة لن تصل إلى الحكم الآن في ظل الشعبية الكاسحة للمشير عبدالفتاح السيسي، القائد العام السابق للقوات المسلحة، وكنت أتمنى أن يظل المشير السيسي في مكانه على رأس الجيش ليحمي مطالب الشعب وثورته، خاصة أن الدستور الحالي يحصّن موقع وزير الدفاع ويترك حرية اختياره للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ولكن على الصعيد الآخر لا بد من خوض المرشحين المدنيين المنافسة على مقعد الرئاسة في الانتخابات المقبلة، حتى وإن لم يكن لهم الحظ الوافر في الفوز بها، وأنا أرى أن المعركة الحقيقية التي تنتظر القوى الثورية ستكون معركة البرلمان.
* عاصرت تجربتيّ "عبدالناصر" و"السيسي"، هل ترى تشابهًا بينهما؟
- هناك صعوبة كبيرة في المقارنة بين التجربتين، فشعبية عبدالناصرـ رغم اختلافي السياسي معه- عند الفقراء عقب وفاته كانت كبيرة جدًا، وهي نتيجة رصيد طويل من الممارسات الوطنية من خلال توفير التعليم المجاني، وقوانين الإصلاح الزراعي، وتأميم القناة وغيرها من الأحلام التي زرعها عبدالناصر في نفوس المصريين، بينما ما زالت تجربة السيسي في البداية وتحتاج مزيدًا من الوقت للحكم عليها، وبالتالي يمكن التشابه فقط في أحلام الناس ترى في السيسي عبدالناصر جديدًا.
* كنت أحد رموز الحركة الطلابية في السبعينيات.. كيف ترى العنف المتزايد في الجامعات المصرية؟
- الحركة الطلابية المصرية بدأت في فبراير 1968 سابقة عن حركة الطلاب في أوروبا، والمحرك الرئيسي لهذه الحركة هي نكسة 67 وشعور الشباب بمرارة الهزيمة وبضرورة تسخير كل الإمكانيات من أجل إنشاء "اقتصاد حرب" حقيقي وتسليح قوي للجيش.
وكان الخلاف الرئيسي بينا وبين النظام على قضية الديمقراطية، حيث طالبنا بضرورة وجود كيانات مستقلة تعبّر عن الطلاب، وحاول النظام محاربة هذه الكيانات عن طريق الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة "شباب محمد" التي أسسها محمد عثمان إسماعيل، محافظ الجيزة في ذلك الوقت، ليساعد صديقه السادات في استهداف ما يعرف بـ"الحركات اليسارية"، وكان أحد أبطال الجنازير في الجامعات د.عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الذي كان يضرب بيده طلاب اليسار في الجامعات بالجنازير.
أما عما يحدث الآن في الجامعات فأنا مع حرية التعبير عن الرأي، وضد قانون التظاهر تمامًا، ومع حرية الطلاب في تنظيم المظاهرات شريطة أن يلتزموا السلمية في مظاهراتهم، فأنا كنت وما زالت ضد وجود الحرس في الجامعة، فالحرس قبل ثورة يناير كان يحكم الجامعة بالقبضة الأمنية ولا بد من خروجه وإعطاء الفرصة لمناخ ديمقراطي حر داخل أروقة الجامعة.
* كيف ترى وضع مصر الإفريقي عقب ثورة يناير؟ وما رأيك في المضايقات التي يتعرّض لها بعض اللاجئين في مصر؟
- نحن إفريقيًا ندفع فاتورة 30 سنة من غباء وعجرفة نظام مبارك في التعامل مع الأفارقة، فمصر الرسمية غابت عن أفراحهم وهمومهم؛ فعلى سيبل المثال عندما توفي الزعيم الجنوبي إفريقي الكبير نيلسون مانديلا لم يكن هناك ممثل لمصر، ومع وصول الإخوان إلى سدة الحكم في مصر "زادوا الطين بلة" بتعاملهم السطحي مع قضية سد النهضة فكانوا حريصين على توطيد علاقاتهم بـ"حماس" أكثر من حرصهم على توطيد علاقاتهم بدولة مثل إثيوبيا تربطها بمصر مصالح مشتركة وقضايا أمن قومي، وذلك يرجع لأن مصر لم تكن ضمن أجندة أولوياتهم الأولى، بل دائمًا ما تتصدر الخلافة الإسلامية اهتماتهم على حساب مصر الدولة.
الدولة لا تقدم سياسات حقيقية لتثقيف المواطن.. وتتعامل مع الثقافة كقضية هامشية
وبالتاكيد أنا ضد الدعاوى الظالمة التي شنتها بعض المنابر الإعلامية تجاه اللاجئين السوريين في مصر عقب وجود بعض السوريين في اعتصام رابعة العدوية، فالسوريون في مصر هم ضيوف على بلدنا، ولديّ أصدقاء كثر في مصر معظهم شعراء ومثقفون ورسامون ولا علاقة لهم بالإرهاب، كذلك ما حدث مع الفلسطينيين وتحديد القضية الفلسطينية في "حماس"، فلا بد من وجود وعي حقيقي بأن القضية الفلسطينية ليست "حماس"، فهذه الحركة لا يعنيها مصلحة القضية بل يعنيها بالأساس الإمارة الإسلامية في غزة، وأرجو مع وجود رئيس جديد منتخب وبرلمان منتخب وجود قواعد جديدة لرسم سياسة مصر الخارجية بشكل أفضل.
* حدّثنا عن علاقتك بالرئيس الراحل ياسر عرفات.. وكيف ترى وضع القضية الفلسطينية الآن عقب ثورات الربيع العربي؟
- علاقتي بالرئيس الراحل ياسر عرفات تمتد منذ عام 1965 والتقينا أكثر من مرة وكنا دائمًا على تواصل قوي، وأتذكر أنني عندما ذهبت إلى بيروت عام 1982 طالبني بأن أبقى لفترة ولكن صممت على الرجوع لمصر وقبل العودة بيوم واحد اتصل بي في الخامسة صباحًا ودعاني للإفطار معه، وذهبت فوجدت جمعًا كبيرًا من الشعراء الفلسطينيين، وأخرج لي عدد جريدة الأهرام فوجدت اسمي من ضمن الأسماء المطلوب القبض عليها في اعتقالات سبتمبر 1981، واستضافني في بيروت فترة ليست بالقصيرة.
وأنا ضد كلمة "الربيع العربي"، فهي ثورات عربية معلنة ما زالت في طريقها لتحقيق أهدافها لأنه لا توجد ثورة عربية حققت أهدافها حتى الآن بما فيها الثورة المصرية.
القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي مصري تمامًا، فنحن لنا شهداء كثر في هذه القضية، وأخي أحد هؤلاء الذين استشهدوا في العدوان الثلاثي عام 1956، فأنا ضد الاستعمار بكل أشكاله، خاصة الاستعمار الاستيطاني، وضد الدولة التي تُبنى على أساس ديني، وضد الكيان الصهيوني باعتباره حركة تدعم العنصرية.
* لديك تجربة رائدة في حرب "بيروت" حول أدب المقاومة.. حدّثنا عن أهم ذكرياتك في هذه التجربة؟
- أنا سافرت إلى بيروت سنة 1982 قبل الغزو الصهيوني، وكان من المفترض أن أغادر في 5 يونيو، وفي يوم 4 يونيو حدثت الغارة على بيروت وكان إحساسي أنها حرب وليست غارة وقلت وقتها الجملة الشهيرة التي دونت في الكثير من الكتب "مين مجنون يلاقي حرب ويجري"، وعندما وصل العدو الإسرائيلي إلى حصار القصر الرئاسي في العاصمة اللبنانية بيروت قررت أن أنزل إلى المجندين وحاولنا كسر الحصار أنا وصديقي المحلن عادل فخري من خلال مجموعة من الأغاني التي كانت كل يوم تتحدث عن مدينة بعينها لنرفع همم الجنود ونبث الحماسة في نفوسهم وكانت أولى الأغاني التي كتبتها "في كل يوم حصار وفي كل يوم غنا هما بدأوا الدمار وإحنا نبدأ البنا"، وأهم الكتب التي أرّخت لهذه التجربة كتاب "الثقافة تحت الحصار" للكاتب الرائع حلمي سالم.
الموضوع منقول من الرابط التالى
Googlefoolw.me
discoveredidea
0 التعليقات:
إرسال تعليق